التجارة الإلكترونية في الهند .. إصلاح تشريعي لقطاع سريع التطور

يعتري قطاع التجارة الإلكترونية في الهند، الذي يشمل 1,3 مليار مستهلك، تحديات هائلة تستلزم القيام بإصلاح ك لي للقوانين المنظمة، التي تعتبرها السلطات م تجاوزة.

وقد خل صت الهند، التي احتلت الرتبة الثانية في مؤشر تطوير البيع بالتقسيط سنة 2019، إلى أن الإطار القانوني المنظم للقطاع، الذي يمثل أكثر من 10 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي، يتطلب عملية إصلاح تروم مواكبة رهانات ومستقبل هذه التجارة التي تشهد تغيرات متواترة.

وتم، على امتداد عدة أشهر، اقتراح العديد من القوانين لتنظيم قطاع التجارة الإلكترونية سريع التطور، لا سيما بعد الأزمة الصحية العالمية التي تسببت في توجه ملايين الهنود إلى الأنترنت وتجنب الذهاب إلى الأسواق التي تشهد الاكتظاظ والاختلاط في هذا البلد الآسيوي.

والواقع أن الهند تسعى لأن تكون وجهة مفضلة لعمالقة التجارة الإلكترونية، الذين يتطلعون إلى الاستثمار في هذا القطاع بفضل العديد من العوامل، بما في ذلك عدد السكان الذي يرتقب أن يتجاوز عدد سكان الصين سنة 2027، وتعداد الطبقة الوسطى البالغ 600 مليون شخص، وزيادة التحضر، وارتفاع ربط المستهلكين بالأنترنت، وزيادة الإنفاق الاستهلاكي.

ومن المرتقب أن تبلغ مداخيل سوق التجارة الإلكترونية الناشئ في الهند 200 مليار دولار سنويا بحلول سنة 2026، مقارنة مع 30 مليار دولار سنة 2019، وفقا لوكالة تشجيع الاستثمار الهندية.

ومن هذا المنطلق، تم الكشف، مؤخرا، عن مشروع قانون يطرح تدابير جديدة تهدف إلى الحد من المبيعات السريعة للسلع والخدمات من قبل شركات التجارة الإلكترونية، ويحظر الإعلانات المضللة، ويفرض إحداث نظام الشكاوى، من بين أمور أخرى. هاته المقترحات من شأنها أن تجبر الشركات العالمية العملاقة مثل (أمازون) و(فليبكارت) على مراجعة هياكل أعمالهما، فضلا عن زيادة التكاليف على المنافسين المحليين، بما في ذلك (جيو مارت) و(بيغ باسكت) و(سناب ديل) التابعة ل(ريلاينس إندستري).

وفي هذا الإطار، قال وزير التجارة والصناعة الهندي، بيوش غويال، “لقد اقترحنا قوانين لحماية مستهلكي التجارة الإلكترونية، ذلك أن همنا الأول يظل هو المستهلك”.

وندد الوزير الهندي، مؤخرا، بممارسات شركات التجارة الإلكترونية الأجنبية التي “تنتهك القوانين الهندية”، معتبرا أنه “لسوء الحظ، جاءت العديد من شركات التجارة الإلكترونية الكبيرة إلى الهند، وانتهكت قوانين البلاد بشكل صارخ”.

وأضاف المسؤول الهندي قائلا “إذا كانت هذه الشركات تقوم بأعمال نزيهة، فلماذا لا تستجيب للجنة المنافسة الهندية ؟ إن تهربهم من هذا الإجراء يؤكد فرضهم لأسعار قياسية، يحاولون التأثير على السوق”.

وفي شهر دجنبر الماضي، أعلن اتحاد تجار الهند أنه راسل إدارة تطبيق القانون يطالبها بـ”اتخاذ إجراء صارم” ضد شركة (أمازون)، مدعيا أن عملاق التجارة الإلكترونية تسبب في ضرر لصغار التجار بسبب المنافسة غير العادلة.

وأضاف الاتحاد أنه قدم التفاصيل اللازمة لإثبات أن الشركة الأمريكية، منذ شروعها في العمل بالهند سنة 2012، “انتهكت بشكل صارخ قوانين البلاد وتسببت في معاناة ملايين التجار الصغار من خلال تبنيها لأسعار جشعة”.

وبغاية معالجة هاته الاختلالات، تقترح التعديلات المرتقبة كذلك أن كل فاعل في التجارة الإلكترونية، يرغب في القيام بأعمال تجارية بالهند، مطالب وجوبا بالتسجيل لدى وزارة قطاع تعزيز الصناعة والتجارة المحلية.

وتهدف اللوائح المقترحة إلى إجراء تغييرات على طريقة عمل أسواق التجارة الإلكترونية، بعد أن اشتكت المقاولات الصغيرة من الوقوع ضحية للهيمنة على السوق التخفيضات الكبرى التي يجريها عمالقة التجارة الإلكترونية.

من ناحيتها، طعنت شركتي (أمازون) و(فليب كارت) في أمر صادر عن محكمة كارناتاكا العليا، ما سمح للجنة المنافسة الهندية بالتحقيق في كل من مسألتي الأسعار التي تقوض المنافسة الحرة والتخفيضات الكبرى، اللتان أنكرت الشركتان ارتكابهما.

في الهند، حيث تتغير أنماط الاستهلاك بوتيرة متسارعة، يتزايد لجوء المستهلكين للتجارة الإلكترونية على نحو مطرد، غير أن خبراء الاقتصاد بالهند يشددون على أن الربح الذي يتأتى من هذه السوق العملاقة لا ينبغي بأي حال من الأحوال أن يتحقق على حساب انتهاك القوانين المحلية أو تفقير صغار التجار الذين يعانون بالفعل من تداعيات الأزمة الصحية.

شاهد أيضا
تعليقات الزوار
Loading...