بعيدا عن القاعات المكيفة وقريبا من الاراضي المكيفة

في ظل النقاش المحتدم داخل قبة البرلمان حول مشروع قانون الاستعمالات المشروعة للقنب الهندي، بين الفرق البرلمانية ووزارة الداخلية، يقبع الفلاح البسيط بمرتفعات جبال الريف بصنهاجة وغمارة مطأطأ الرأس، خانعا لضائقته المالية، ومستسلما لحاله المزري، متفرجا على مسلسل سياسي طال أمده، مسلسل بطله هو نفسه لكن دون الاستعانة به ودون تفعيل لدوره.

بعيدا عن القاعات المكيفة، وبين ثنايا قانون اعدم من خلاله الفلاح البسيط، بذريعة أرباح اقتصادية للدولة، بينما بطل هذا القانون لازال يقتات على فتات بارونات المخدرات التي انقطعت مؤخرا بسبب القبضة الأمنية المحكمة، وسيقتات ايضا على مخلفات الدولة انطلاقا من هذا القانون الذي ينظر اليه الفلاح بخيفة وبصمت مطلق، وينظر اليه أبناؤهم بحيرة وتفاعل وآراء واقتراحات بمذكرات تعديلية تناولها رؤسات الفرق البرلمانية بتمعن وتجويد لمقترحاتهم، قانون نضب آخر معاقل الأمل لدى الفلاح وكسر طموحاته المستقبلية وفجر مجموعة من التساؤلات التي تتسم بالتوجس والقلق.

وقريبا من الاراضي المكيفية، يبدأ المزارع البسيط عامه الفلاحي ومحصول السنة من مادة الحشيش او محاصيل السنوات الثلاثة الماضية مكدسة في زاوية غرفة من منزله. يحمل المزارع معوله متجها إلى أرض معلقة بسفح جبل تدغين ووجهه عبوس يتنقل بين محصول الكيف المكدس التي لم يجني منه غير الذل و المتابعات والترهيب دون مردود مادي، وبين بداية موسم زراعي مجهول الأفق. بين هذا وذاك يجد الفلاح نفسه معلقا كتلك القطع الأرضية المعلقة بسفح الجبل، لا هي صالحة للزراعة ولا هو ذو مقدرة لتغيير شيئ من واقعه.

وبشكل أوضح، وبعيدا عن تطلعات الدولة ومنافعها الضيقة،فالواقعزيقول أننا أمام أزمة مالية خانقة لم تشهد مثلها مناطق زراعة الكيف بصنهاجة-وغمارة بإقليمي الحسيمة والشاون. أزمة تنهش اضلع الفلاح البسيط وتؤرق باله و تثقل كاهله ايضا، أزمة تنخر جيوبه العاجزة عن تغطية حاجياته اليومية ومتطلبات ابنائه و عائلته، ولا يجد فيها شيئا ايضا يسد به ديونا تراكمت عليه منذ سنوات و يلح اصحابها على استخلاصها،.
ان أزمة مزارع الكيف بأعالي جبال الريف لأسوء من فيروس كورونا فهي فيروس آخر بحد ذاتها، فيروس قالت الدولة انها وجدت لقاحا له تحت مسمى مشروع قانون 21-13 ولكن المزارع يخشى من اعراضه الجانبية التي قد ترديها صريعا او تزيده إذلالا، فرفقا بالمزارع الذي عانى الويلات لعقود.

شاهد أيضا
تعليقات الزوار
Loading...