العمانية بدرية البدري: جائزة كتارا لشاعر الرسول محطة فارقة في تاريخي

أكدت الشاعرة العمانية بدرية البدري أن الفوز بجائزة كتارا لشاعر الرسول -صلى الله عليه وسلم- قبل أيام محطة فارقة في تاريخها، ويلقي على عاتقها مسؤولية كبيرة كونها أول امرأة في تاريخ جائزة كتارا تفوز بلقب شاعر الرسول.

وأوضحت بدرية البدري -في حوار مع الجزيرة نت- أن الفوز بجائزة كتارا يعد قفزة في مسيرتها الشعرية، وأدخل الفرحة على كل بيت في سلطنة عمان، وأصبح اسمها ضمن “الأكثر تفاعلا” (تريند) على موقع تويتر لكثرة المحتفين والمهنئين بتتويجها بالمركز الأول للجائزة.

وترى الشاعرة العمانية أنه رغم تراجع الذوق العام، بسبب هزالة ما يقدمه البعض من أشعار، فإن الشعر سيظل محتفظا بمكانته ولا يمكن التوقف عن حبه.

وبمناسبة فوز الشاعرة بدرية البدري بجائزة كتارا لشاعر الرسول في نسختها الخامسة وحصد المركز الأول في فئة الشعر الفصيح عن قصيدتها “قنديل من الغار”، أجرت الجزيرة نت معها هذا الحوار.

  • كيف جاءت فكرة الاشتراك وهل من أشخاص قاموا بتشجيعك على المشاركة؟

فكرة الاشتراك في جائزة كتارا لشاعر الرسول -صلى الله عليه وسلم- حاضرة دائما؛ لأن الكتابة عن النبي محمد شرف لكل شاعر، وهو أمر بقدر ما يكون سهلا لغزارة ما يمكن وصف النبي محمد به -وهو الذي وصفه رب العزة بقوله “وإنك لعلى خلق عظيم”- بقدر صعوبته التي تصطدم بعظمته.

  • كيف أصبحت هذه الجائزة نقطة تحول في تاريخ الشاعرة العمانية؟

اليوم، أنظر إلى تاريخي وأجده صغيرا أمام هيبة لقب “شاعرة الرسول”، وأنظر إلى حاضري فأراني في قمة طود عظيم، وأجد عنقي وقد طاولت السماء اعتزازًا؛ ومن لمس السماء بيده، لن يقبل بأن يطأ الأرض أبدا.

  • الحضور الخليجي القوي في المرحلة النهائية من النسخة الأخيرة لجائزة كتارا لشاعر الرسول، بم تفسرين ذلك؟

الجزيرة العربية هي مهد الرسالة المحمدية، وأبسط ما يجب علينا تجاه هذا الاصطفاء الرباني أن نكون على قدر من المسؤولية للحفاظ على هذا الشرف، بأخلاقنا أولا، ثم بالارتقاء والاشتغال على ما نكتبه في المديح النبوي خاصة، ولكن -وبما أن الشيء بالشيء يذكر- يجب ألا ننسى أن الدورة الرابعة لم يتوج بها أي شاعر من الخليج؛ فقد كان هناك شاعران من مصر، وشاعر من المغرب.

  • كيف تختلف كتابة الأبيات الشعرية في مدح الرسول عن أي نوع آخر من الشعر، وبم تتميز؟

لو وُضعت كل قصائد الأرض في كفّة، وقصيدة في مدح النبي -كُتبت بحب- في كفّة أخرى، لرجحت كفة تلك القصيدة؛ لذلك أجدني كلما كتبتُ بيتًا في مدحه عليه الصلاة والسلام، وتخيلته أمامي، أخجل مما كتبت؛ فأي كلمة قد تمنح الحب، وأي بيت شعر قد يبدد الظلام، وأي قصيدة قد تنشر في الأرض السلام.

  • قصيدة “قنديل من الغار”، ماذا عن هذه القصيدة وظروف كتابتها؟ وهل كتبت على مرحلة واحدة أم عدة مراحل؟

عادة، تعودت ألا أكتفي بالكتابة الأولى لأي قصيدة، وأن أراجعها، وأنقحها؛ لتظهر في أبهى حُلّة، أما قصيدة “قنديل من الغار” فقد توقفت كثيرا في أثناء كتابتها، إذ كنت أتساءل: ما الذي سأكتبه، ولم يسبقني إليه أحد؟ فالسيرة هي ذاتها لم تتغير، حتى وجدتني أراهن على حبي له؛ ليهب قصيدتي ما يليق بها من الضوء.

  • كيف استحضرت المعاني في القصيدة؟

استحضرت سيرته -عليه الصلاة والسلام- وكان وجهه حاضرا أمامي، أتأمل كيف أخرج الناس من الظلمات إلى النور، وكيف نشر العدل والسلام. تخيلت لطفه، ورقة قلبه، وكنت أقلب بصري بين ما كان، وما نعيشه اليوم من صراعات وانقسامات، وكيف أننا لو اتبعنا سيرته، ومضينا على نهجه، لأورقت أرواحنا رُسلا، كما جاء في القصيدة.

  • أن تحملي لقب شاعر الرسول هو نوع من المسؤولية الكبيرة، كيف تستشعرين ذلك؟

هذا يعني أن أكون “قنديلا” يمشي على الأرض، ورسول سلام وحب؛ لعلي أكون خير من ينشر سيرته، كما أن هذا اللقب سيزيد من صعوبة الكتابة بعده.

  •  شاركتِ من قبل في جائزة كتارا لشاعر الرسول ولم يحالفك التوفيق، حدثينا عن الإصرار على المشاركة وكيف يمكن أن تسهم في إثراء الشعر واللغة العربية؟

أنا لا أؤمن بالفشل؛ قد أتعثر، ولكني لا أسقط، وإن سقطت فذلك يعني أن وقوفي سيكون أقوى، لأني عرفت نقطة ضعفي التي أوقعتني؛ لذلك لم يكسرني عدم التأهل من قبل؛ لأن ذلك يعني أن قصيدتي لم تكن لائقة بمقام النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- وحُق لها أن تموت، لتحيا قصيدة يليق بها حمل اسمه -عليه الصلاة والسلام- فكانت “قنديل من الغار”.

  • هل توقعت الفوز بالجائزة؟

كان ثمة نور يملأ قلبي، وكنت أراني في منصة التتويج، ولكن يبقى دائما أن لا ضمان في المسابقات، خاصة مع وجود قصائد قوية منافسة.

  • كيف كان شعور الأسرة؟ ومن أول شخص تلقى خبر فوزك بالمركز الأول؟

بعد إعلان النتائج مباشرة، خطفتني للحظة من المسرح، وأرسلت لأسرتي أبشرهم بالفوز، بعبارة “الحمد لله، الأول.. الأول.. الأول” لأجد بعدها أن عُمان كلها تحتفل معي، وأنني فرحة كل بيت، وابنة كل أسرة في عُمان، وأصبح اسمي من الأكثر تفاعلا في تويتر من كثرة المُحتفين بي.

  • ماذا بعد الجائزة؟ هل ستتدفق الإبداعات الأدبية أم يحدث نوع من السكون الأدبي بعد الجائزة؟

بعد كل عمل أدبي أشعر أني بحاجة لأن أنسى. أن أنفض النص الذي سكنني، لأولد من جديد في نص آخر؛ وبعد الجائزة أضع أحمالي لأستريح قليلا، لأعاود المضي قدما نحو أهدافي اللامحدودة.

  • من أكثر الشعراء الذين تأثرت بهم بدرية البدري؟

لم أتأثر بأحد، ولا أحب أن أكون نسخة مكررة من أحد. أنا بدرية البدري، التي لا تشبه إلا نفسها، ولا تكتب إلا ما تشعر به.

  • لم تكتف بدرية البدري بكتابة الشعر، فلها إسهامات أدبية أخرى في الرواية والقصة، حدثينا عن ذلك.

  • الفكرة هي أساس كل عمل أدبي، وهي التي تحدد هويته، وأنا لم أقرر يوما كتابة الشعر، ولكنني وجدت نفسي أكتبه من دون أن أشعر، وكذلك الرواية. كان كل شيء يبدأ بفكرة تأخذ وقتها في التخمّر بعقلي، ثم تكمل طريقها على الورق.
    • هل حصلت على جوائز في مجالات أخرى بخلاف الشعر؟

    نعم. حصلت على جوائز محلية وخليجية في الشعر الفصيح، وجوائز محلية في الشعر الشعبي والرواية، وهناك روايتان لي قيد الترجمة إلى اللغة الإنجليزية، وهما رواية “العبور الأخير”، و”ظل هيرمافروديتوس”.

    • ما الفرق بين الشعر والرواية وأي لقب تفضلين الشاعرة أم الروائية؟

    كلاهما حبيب لقلبي. أنا الشاعرة والروائية بدرية البدري، والواو هنا واو عطف.

    • هل هناك مشاريع أدبية قادمة أو في طور الإعداد؟

    نعم. لدي رواية جاهزة للطباعة، بانتظار أن أحدد طريقها نحو دار نشر استثنائية، وديوان شعر فصيح كذلك.

    •  برأيك، هل تراجع صيت الشعر في العالم العربي أم أنه ما زال محتفظا بمكانته؟

    سيظل الشعر نديم السهارى، ورسائل المسافرين، وأسرار العشاق، وحديث المتأملين. الشعر كالموسيقى؛ لا يمكن التوقف عن حبه.

    • ماذا عن تذوق الجمهور -خاصة الأجيال الجديدة- للشعر والأدب؟

    لا يزال للشعر عشاقه، وإن تراجع الذوق العام، بسبب هزالة ما يقدمه البعض، ما زال هناك من لا يقول “الله” إلا لـ”الشعر”.

شاهد أيضا
تعليقات الزوار
Loading...