المليزي الدي عشق غزة تزوج بارملة شهيد وعاش مناضلا في قلب ارض الملائكة

غزة – عندما وطئت قدما الشاب الماليزي محمد نادر النوري قمر الزمان “أرض الملائكة”، كما يصف الماليزيون غزة، جثا على ركبتيه ساجدًا، حامدًا الله أنه نال ما يقول إنها “بركة غير موجودة في مناطق كثيرة من العالم”.

“جئت إلى غزة بحثًا عن أبواب الخير.. نحن بحاجة إلى الناس في غزة أكثر مما هم بحاجة إلينا رغم واقعهم المأساوي بسبب الحصار والحروب الإسرائيلية”، ذلك ما يقوله قمر الزمان في حديثه المطول -للجزيرة نت- عن غزة التي تسكنه ولا يسكنها، فما حكاية العشق التي ربطت هذا الشاب الماليزي بهذه البقعة الجغرافية الصغيرة الفقيرة المحاصرة.

عشق “أرض الملائكة”

في عام 2013 كان اللقاء الأول بين قمر الزمان (35 عاما) وغزة التي يقول إنه لم يتوقع أن يزورها يوما، كانت زيارته آنذاك بهدف دراسة الشريعة، وبدأت الحكاية كما يرويها بلغة عربية سليمة “كانت غزة أحد خيارات عدة لدراسة الشريعة بعد مغادرتي سوريا، إثر اندلاع الحرب هناك عام 2011، وعقب بحث ونقاش مع الأهل اخترت غزة”.

مكث قمر الزمان في سوريا نحو عام ونصف العام، وإثر اندلاع الثورة وتدهور الأوضاع الأمنية عاد إلى ماليزيا، وبحث مع أسرته في خيارات عدة لتحقيق أمنيته بدراسة الشريعة، بعدما نال شهادة جامعية بتخصص “العلوم البحرية” من ماليزيا، ويقول “بكل وعي وإدراك اخترت غزة، ونسميها في ماليزيا أرض الملائكة التي يسكنها بشر بمواصفات خاصة.. إنهم يحبون الحياة ولكنهم لا يهابون الموت إذا كان في سبيل الأرض والمقدسات”.

جاء قمر الزمان إلى غزة مع قافلة تضامنية عبر معبر رفح البري مع مصر، والتحق بكلية الشريعة والقانون بالجامعة الإسلامية، ليكون أول طالب ماليزي في فلسطين.

وقال “كل شيء في غزة مختلف، حتى الهواء تشعر أن له نكهة خاصة.. ورغم قسوة الحياة فإن الناس هنا يمتلكون قدرات عظيمة على مقاومة ظروفهم الصعبة، وحياتهم مستمرة؛ يقيمون حفلات الزفاف والأفراح، ويضحكون، ويتبادلون الزيارات، ويتمتعون بود شديد مع الأجانب والزوار”.

وبابتسامة ارتسمت على وجهه، استذكر قمر الزمان أول قدومه إلى غزة، فقال “كان لدي جدول مزدحم ويومي بمواعيد دعوات الولائم، فقد كنت أتناول الطعام في بيوت أناس أتعرف عليهم لأول مرة

 

تجربة الحرب

بعد نحو عام وبضعة أشهر قضاها قمر الزمان في غزة، شنّت إسرائيل حربها الثالثة التي استمرت 51 يوما، مرت عليه “قاسية ومرعبة”، حسب وصفه؛ يقول “كانت أياما صعبة، وكنت أقيم بمفردي في بيت في حي التفاح، تعرض لقصف عنيف.. شعرت وقتئذ بالوحدة، حيث لا كهرباء أو إنترنت، للتواصل مع الأهل والأصدقاء”.

ويوضح قمر الزمان “ورغم بشاعة الحرب، لم أفكر في مغادرة غزة، وقررت الصمود والثبات مع أهلها، وكنت قد أسست مؤسسة أحباء غزة ماليزيا، لكفالة الأيتام آنذاك، إلى جانب دراستي الجامعية”.

وفي الحرب شاركت المؤسسة في تعليم أطفال الأسر النازحة من منازلها في المناطق الخطرة، فضلا عن إنشاء عيادة طبية متنقلة، لتقديم المساعدات للسكان، خصوصا لأولئك الذين لا يستطيعون الوصول إلى المراكز الصحية، بفعل مخاطر الحرب.

كثيرة هي المواقف التي لا تزال عالقة في ذهن هذا الشاب الماليزي، وأسهمت في تمسكه بالبقاء في غزة، ويقول “ربما ليس هناك مكان آخر في العالم غير غزة قد ترى فيه الشاب يبكي لأنه لم ينل الشهادة مع صديقه أو أهله، أكثر من حزنه على فراقهم

 

زواج بأرملة شهيد

هذه المواقف وغيرها جعلت قمر الزمان يشعر بالحنين إلى غزة كلما غادرها في مهمة عمل أو زيارة قصيرة لأهله في ماليزيا، ليقرر أن يزيد ارتباطه بفلسطين برابط أكبر من مجرد الدراسة وتقديم المساعدات الإنسانية، فكان زواجه بأرملة شهيد، تعيل 5 أبناء، يتكفل حاليا بتربيتهم ورعايتهم.

شاهد أيضا
تعليقات الزوار
Loading...